حكم تقديم الإطعام على الصيام

Wiki Article

تُعد مسألة حكم تقديم الإطعام على الصيام من المسائل الفقهية التي تُثار في سياقات متعددة، وتحديدًا عند الحديث عن كفارة الصيام أو الفدية الواجبة على من لا يستطيع الصوم. الأصل في الإسلام أن الصيام فريضة محكمة وركن من أركان الإسلام، ولا يُعدل عنه إلى غيره إلا بوجود عذر شرعي ثابت. ومع ذلك، فقد جاءت الشريعة الإسلامية متسمة باليسر ورفع الحرج، فأباحت الإطعام في حالات معينة كبديل عن الصيام أو كفارة لبعض المخالفات المتعلقة به.

الأصل في حكم تقديم الإطعام على الصيام يظهر جليًا في أحكام الفدية الواجبة على كبار السن الذين لا يطيقون الصوم، أو المرضى الذين لا يُرجى برؤهم. ففي هذه الحالات، أباحت الشريعة لهؤلاء أن يُفطروا ويُطعموا عن كل يوم مسكينًا، كما جاء في قوله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" (البقرة: 184). هذا التيسير يُظهر مرونة الشريعة ورحمتها بالمكلفين، حيث إن الإطعام هنا يُعتبر بديلًا شرعيًا للصيام، ويُحقق المقصد الشرعي وهو سد حاجة الفقراء والمساكين.

لا يقتصر حكم تقديم الإطعام على الصيام على الفدية فحسب، بل يمتد ليشمل بعض الكفارات ككفارة الإفطار العمد في رمضان بالجماع، حيث يُخير الفاعل بين عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا. وفي هذه الحالة، يكون الإطعام أحد الخيارات المتاحة لأداء الكفارة، مما يُشير إلى أهمية الإطعام كعبادة مالية تُسهم في تحقيق التكافل الاجتماعي. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذا الحكم خاص بالحالات المذكورة شرعًا، ولا يجوز للمسلم أن يتعمد الإفطار ويستبدل الصيام بالإطعام دون عذر شرعي، فذلك يُعد تهاونًا بالفريضة وابتداعًا في الدين. لذا، يجب على المسلم أن يتحرى الدقة في فهم هذه الأحكام، والرجوع إلى أهل العلم للتأكد من جواز الإطعام بدلًا عن الصيام في حالته الخاصة.


Report this wiki page